اوقفوا تعذيب أطفالكم أسماء أبوشال

0 286

بعد القبض على مدير دار أيتام “مكة” بالهرم المتهم بضرب الأطفال وتعذيبهم ، قال الوغد في اعترافاته : “اعتدائي على الأطفال جاء حرصا عليهم وأتعامل مع أبنائي بنفس الأسلوب” يالا الكارثة ، قد يكون هذا الرجل صادقاً في تبريره لتصرفاته “السادية” مع الأطفال ، وسلوكه الشاذ نابعاً من قناعته أن الضرب والعنف وسيلة مثالية للتربية ، مبرراً بأنه يلجأ لنفس أسلوب “التلطيش” مع أبناءه ، وهذا ما أكدته الزوجة فيما بعد.
دعونا نعود إلى حادثة مشابهة حدثت منذ 3 سنوات في الغربية ، عندما تم تداول مقطع لفيديو في أحد الحضانات ، يقوم فيه المدرس بضرب حوالي 25 طفل لا يتجاوز أعمارهم 5 سنوات بطريقة شرسة ، وبالتحقيق في الأمر ، قام الأهالي بتبرئة المدرس ولم يستنكروا فعلته معللين ذلك “خلي العيال تتعلم وتتربي” ، بالطبع فهذا الأمر دليل قاطع على أن العنف بات جزءاً من ثقافة بعض فئات المجتمع في التربية، وبالتالي يمارسونه بشكل أو بآخر.
للأسف إنها الحقيقة المُرة ، وهو سبب لمأساة كبرى نعيشها في المجتمع حالياً ، بسبب انتشار ظاهرة العنف والبلطجة في الشارع ، والتحرش الجنسي بالإضافة إلى ممارسات العنف الأسري بجميع أشكالها مع “كوكتيل” لا بأس به من العقد النفسية.
لو حللنا الأمر ، ونظرنا إلى مراحل تطور كثير من الأطفال في المجتمع المصري سنجد أن الطفل يتعرض إلى العنف من الأهل أولاً ، ويواجه منذ صغره أسلحة من نوعية خاصة التي تستخدمها الأم عندما تخرج عن شعورها كالعادة ، بداية من الصراخ ، مروراً “بالشبشب” نهاية بالـ”عض” و”الضرب بالأقلام ” على الوجه ، وكل هذه الأساليب تؤثر على شخصية الطفل وتجعله مكسوراً وقد تتطور معه لعقد نفسية تتعلق بالثقة بالنفس وتقدير الذات سواء للبنت أو للولد ، وكل ذلك يدخل في نطاق “التربية”.
ومع دخول الطفل في مرحلة عمرية جديدة ، تبدأ رحلة عذاب جديدة في المدرسة بحجة “العقاب من أجل التربية” وخاصة في مدارس الأولاد ، حيث يلجأ مدير المدرسة وهيئة التدريس لاستخدام الشدة والعنف للسيطرة على الأولاد الذين يلجئون إلى اللعب بالطبع بطريقة عنيفة نتيجة لتراكمات التربية الخاطئة ومشاهدة العنف فى التليفزيون بالإضافة حث الآباء والأمهات لأخذ الحق بالذراع.
والطريف أنه خلال حواري مع أحد الآباء من كبار السن خلال تقرير عن اختلاف شكل المدرس الآن ومقارنته بالخوجة زمان ، قال لي نصاً :” هاااااه فين أيام زمان واحترام مدرسين زمان !! كان في مدرس عندنا في المدرسة بيعاقب الطالب من دول بإنه بيفتح بُقه ويتف “يبصق” فيه” والغريب أن خلال ذلك يتكلم عن المدرس بكل احترام وتقدير وكأنه يتكلم عن سلوك تقويمي طبيعي.
في المدرسة يجد الطالب أسلوب عنيف للتربية من ضرب ومد وإهانة ، وخاصة في المدارس الحكومية التي تعد بيئة جيدة لانتشار لغة البلطجة والبلطجية والسب بأبشع الألفاظ ، أيضاً يجد بعض الآباء الضرب بالحزام وسيلة جيدة لعقاب ابنه المراهق على طبيعة المرحلة العمرية التي يعيشها.
بالطبع هذه الصورة لا تمثل أو تنطبق على كل الأسر المصرية ، ولكنها طريقة لا يراها الكثير من الآباء والأمهات تحمل عيباً أو عنفاً ، وكلما انخفض مستوي البيئة الاجتماعية ظهر العنف بأشكاله ، لأنه بالطبع هذه الطريقة من التربية تستخدم مع البنت والولد ، والزوجة أيضاً.
وبعد هذه السلسلة من المأساة ، لا نجد عجباً إذا نظرنا إلى الشارع ووجدنا كم الهمجية والبلطجة والتحرش ، وبالتالي تتكرر المأساة بشكل آخر فلا يجد رجل اليوم “طفل البارحة المُعذب” حرجاً في ضرب زوجته ، ولا تجد امرأة اليوم “طفلة البارحة المُعذبة” إهانة في ضرب زوجها لها لأنه “عادي”.
هل تعلم عزيزي القارئ أن المُتحرش لا يشترط أن يكون محروم جنسياً لممارسة هذه الفعلة ؟ نعم فالمتحرش نجده مديراً ومتزوجاً وطفلاً ، إذا لماذا يلجأ إلى التحرش ؟ هذا السؤال طرحته على طبيب نفسي وأكد لي أن الأمر لا يرتبط بالشهوة على الإطلاق ولكنه إثبات للرجولة وفرض السيطرة على الأضعف منه نتيجة ممارسة التعذيب وطرق القهر سواء من الآباء أو سيطرة الزوجة.
من هنا نجد أن محيط الأسرة هو دائماً المحدد لسلوك المجتمع بالكامل ، وإذا لم ينصلح حال الأسرة سنجد الشارع بعد بضع سنوات بيئة غير صالحة أو آمنة لأولادنا .. أرجوكم كفوا أيديكم عن الأطفال وكفاية بلطجة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.