انتشرت خلال السنوات الأخيرة معلومات شائعة على مواقع التواصل الاجتماعي تفيد بأن الحيتان مسؤولة عن إنتاج معظم أكسجين الأرض. ورغم أن هذه الفكرة جذبت اهتمامًا واسعًا، فإنها غير صحيحة علميًا. ومع ذلك، يكشف البحث العلمي الحديث عن أن الحيتان تلعب دورًا بيئيًا غير مباشر لكنه محوري في دعم أحد أهم مصادر الأكسجين على الكوكب.
العوالق النباتية.. المنتج الأول للأكسجين
تشير الدراسات المتخصصة في علوم البحار إلى أن 50% إلى 80% من أكسجين الأرض يُنتَج بواسطة العوالق النباتية (Phytoplankton)، وهي كائنات مجهرية تعيش قرب سطح المحيطات، وتعتمد في غذائها على عملية التمثيل الضوئي—نفس العملية التي تقوم بها النباتات على اليابسة.
هذه الكائنات الدقيقة، رغم صغر حجمها الذي لا يتجاوز أجزاءً من المليمتر، تُعد المسؤول الأول عن الحفاظ على التوازن التنفسي للكوكب.
الحيتان.. حارس صامت لسلاسل الحياة البحرية
ورغم أن الحيتان ليست مصدرًا مباشرًا للأكسجين، إلا أنها تلعب دورًا حاسمًا في تعزيز نمو العوالق النباتية عبر ما يعرف بـ “مضخة الحيتان” (Whale Pump)، وهي آلية طبيعية ترفع بها الحيتان العناصر الغذائية من أعماق المحيط إلى سطحه.
كيف يحدث ذلك؟
تصعد الحيتان إلى السطح للتنفس.
تطلق فضلات غنية بالعناصر الحيوية مثل الحديد والنيتروجين.
هذه المواد تعمل كـ سماد طبيعي يساعد في ازدهار العوالق النباتية.
وبما أن العوالق النباتية تعتمد في نموها على توفر المعادن الدقيقة، فإن نشاط الحيتان يسهم فعليًا في زيادة قدرتها على إنتاج الأكسجين.
دور آخر: تخزين الكربون لآلاف السنين
لا يتوقف تأثير الحيتان عند هذا الحد؛ فعندما تموت، تغرق أجسامها الضخمة إلى أعماق المحيط، حابسة داخلها كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون على شكل كتلة عضوية.
وتشير التقديرات إلى أن الحوت الواحد يمكنه أن يخزن ما يعادل عدة أطنان من الكربون بعيدًا عن الغلاف الجوي، مما يجعله مساهمًا فعالًا في مكافحة الاحتباس الحراري.
الخلاصة العلمية
العوالق النباتية هي المنتج الأكبر للأكسجين على سطح الأرض.
الحيتان لا تنتج الأكسجين، لكنها تساعد في زيادة إنتاجه عبر دعم نمو العوالق.
دورها البيئي يشمل أيضًا تنقية الغلاف الجوي من خلال تخزين الكربون في أعماق البحار.
وبينما لا يمكن القول إن الحيتان هي مصدر أكسجين الكوكب، فإنها تظل عنصرًا رئيسيًا في سلسلة بيئية معقدة تُسهم في بقاء الحياة واستمرار توازن الأرض.

التعليقات مغلقة.