30 يونيو .. 12 عاما من الإصلاح والبناء

4

كتب / هيثم سعد الدين

12 عاما بالتمام والكمال تمر علي ثورة 30 يونيو (2013/2025)، التي أطاحت بجماعة الإخوان من سدة الحكم ، لانتشار مصر من الظلام والانهيار الذي كانت قد أوشكت عليه تخطي الأزمات التي شهدتها الدولة في شتى القطاعات ، وتأتي هذه الذكرى تحمل معها آمالا جديدة لكافة المصريين وطموحات وآفاقا واسعة للدولة المصرية في تحويل تلك الطموحات والآمال إلى واقع ملموس يشعر به كل المواطنين ويؤكدون أن الدولة تبذل قصارى جهدها لرفع مستوى معيشتهم.

لقد كانت ثورة 30 يونيو قرارا شعبيا لتصحيح مسار ما حدث في أعقاب 25 يناير 2011 ، وطوق نجاة أنقذ مصر والمنطقة العربية من مصير فوضوي محتوم ، كما كانت انتصارا لإرادة شعب رفض التطرف والمتاجرة بالدين وصمم علي استرداد ما اختطفته جماعة الإخوان من ثمار ثورة يناير ، فمثلت بذلك محطة مهمة في عودة توازن البلاد السياسي والقيادي.

إن ما حدث في 30 يونيو كانت إرادة شعبية في هذا اليوم الفارق ، خرج الملايين من أبناء الشعب المصري العظيم منتفضا في وقت واحد في ظاهرة لم تشهدها الثورات الكبرى في التاريخ ، كان الشعب بكافة طوائفه وطبقاته الغنية والمتوسطة والفقيرة عتادها ووقودها ، من أجل استعادة هويته وإنقاذ البلاد من الفوضى والانهياء، ليملأ ميادين مصر المحروسة في مشهد حضاري أبهر العالم بتعبيره الراقي عن مطالبه ، وشهد له العالم أجمع صانعا أعظم الثورات في العصر الحديث وتمارس الدولة المصرية هيبتها ودورها الوطني في بناء الحاضر وتأمين المستقبل .

30 يونيو 2013 ثورة مجيدة سطرت خلالها جماهير أمتنا بإرادتها الأبية ملحمة خالدة للحفاظ على هوية الوطن، وبرهنت بعزيمتها القوية على أن الشعوب حينما تنتفض لا يمكن أن يقف أمامها عائق، وغيرت مجرى أحداث التاريخ المصري الحديث والمعاصر، وكتبت بحروف من نور ميلاد مسار جديد من مسارات العمل الوطني المصري الخالص.

30 يونيو سوف يظل علامة فارقة في مسيرة مصر”لأنها أسهمت” عبر مواقف الرئيس عبد الفتاح السيسي، في إحداث أكثر من تغيير مهم في عدد من الجبهات، ضد “الزحف الأكبر فى التاريخ”، ضد محتل غاصب من نوع جديد، محتل استخدم الدين لتغيير هوية المجتمع الوسطي.

30 يونيو خاضت حربا ضروسا ضد الإرهاب، فضلا عن تحقيق منجزات سريعة كانت تتطلب سنوات في الظروف الطبيعية.

12 عاما تمر علي هذه الثورة ، لتسطر مصر منذ ذلك التاريخ انطلاق حزمة من المشروعات القومية العملاقة المهمة ، فضلا عن الإصلاحات الاقتصادية ، والبرامج الاجتماعية والصحية التي غيرت حياة ملايين المواطنين، لم تكن هذه الإنجازات وليدة اللحظة، بل ثمرة لرؤية طويلة الأمد أسست لبناء الجمهورية الجديدة لتحقيق مزيد من النمو والاستقرار والعدالة، والتي استهدف بها الرئيس السيسي النهوض بمصرنا الغالية .

لقد تبنت الدولة المصرية خلال السنوات الإثني عشر برنامجا طموحا للإصلاح الاقتصادي يشيد به العالم كله ، وكان من ثمار هذا ما تحقق من أرقام مستويات تطور ونمو في معدلات الأداء الاقتصادي من حيث معدلات النمو وحجم الاحتياطي النقدي والاستقرار في السياسة المالية والنقدية ، مما جعل لدينا قطاعا مصرفيا قويا وشريكا فاعلا في منظومة الإصلاح تم رصدها والإشارة إليها في تقارير وشهادات وثائق ودراسات أعدتها مؤسسات وجهات متخصصة علي مستوى العالم .

كما نتج عن برنامج الإصلاح الاقتصادي انخفاض معدل البطالة في مصر إلى 6.3 % خلال الربع الأول من العام الحالي.

أضف إلى ذلك ما حققته مصر من إنجازًا بارزًا في القطاع الصحي عبر مبادرات رئاسية ضخمة كان أبرزها “100 مليون صحة”، والتي استهدفت القضاء على فيروس “سي” والكشف المبكر عن الأمراض غير السارية، تم فحص أكثر من 60 مليون مواطن في أكبر حملة صحية تشهدها البلاد.

كما شملت خطط الدولة تطوير أكثر من ألف مستشفى ووحدة صحية، وتحديث منظومة الإسعاف، إلى جانب دعم مشروع التأمين الصحي الشامل الذي انطلق من بورسعيد ويتوسع تدريجيًا ليشمل جميع المحافظات.

رغم التحديات الناتجة عن جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، والحرب الإيرانية الإسرائيلية إلا أن الاقتصاد المصري أظهر قدرة كبيرة على الصمود، تم تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي شامل رفع من الاحتياطي النقدي، وخفّض نسب العجز، وشجّع على جذب الاستثمارات الأجنبية.

أُطلقت مبادرات مثل دعم المشروعات الصغيرة، وتحفيز الصناعة الوطنية، وإقامة مناطق لوجستية وصناعية في محافظات مختلفة، فضلا عن إطلاق عشرات المشروعات العملاقة في البنية التحتية، من بينها إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، وتطوير شبكة الطرق القومية التي باتت تنافس نظيراتها في الدول المتقدمة، بالإضافة إلي تنفيذ مئات الكباري والأنفاق، وشبكات حديثة للسكك الحديدية ومترو الأنفاق، إلى جانب تطوير الموانئ البحرية والبرية لتصبح مصر مركزًا لوجستيًا عالميًا.

ومن المشروعات والمبادرات التنموية في التاريخ المصري ، مشروع “حياة كريمة” الذي يستهدف تطوير قرى الريف المصري بالكامل، ويخدم أكثر من 58 مليون مواطن، ويشمل المشروع تحسين البنية التحتية، وتوفير سكن كريم، وتطوير المدارس والمستشفيات، وتوصيل الغاز الطبيعي ومياه الشرب، فضلًا عن مشروعات تمكين اقتصادي للمرأة والشباب.

الإنجازات كثيرة منها ما شهده قطاع التعليم تحولات جوهرية شملت تطوير المناهج، وإدخال التكنولوجيا الرقمية في المدارس والجامعات، إلى جانب بناء جامعات أهلية وتكنولوجية على أعلى مستوى، كما تم توسيع برامج تدريب الشباب على المهارات الرقمية والذكاء الاصطناعي، لتأهيلهم لسوق العمل المحلي والدولي.

على مدار السنوات الاثني عشر الماضية كان العمال بمثابة وقود معركة البناء في الجمهورية الجديدة، وفي مجال التشريعات، تم إصدار العديد من القوانين التي أقرها مجلس النواب وصادق عليه الرئيس السيسي، التي من شأنها تحقيق مصلحة العمال وتوفير بيئة تشريعية مناسبة من بينها قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016، والذي يكفل للعاملين حقوقًا وواجبات في العمل من حيث زيادة العلاوات الدورية بنسبة لا تقل عن 7% من الأجر، وكفل لهم الترقيات والمشاركة في الإدارة، وأعطى للمرأة العاملة امتيازات إضافية في مجال رعاية الطفولة والأمومة وشغل المناصب القيادية.

فيما صدر قانون حق التنظيم النقابي رقم 213 لسنة 2017، وتم تعديل بعض أحكام قانون المنظمات النقابية العمالية وحماية حق التنظيم النقابي الصادر بالقانون رقم 142 لسنة 2019، إضافة لإجراء الانتخابات العمالية عام 2018 بعد 12 عاما من التوقف عن إجرائها، كما تم إصدار قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الذي أنصف هذه الفئة وأعاد لهم حقوقهم.

كما تم إصدار قانون العمل الجديد 14 لسنة 2025 بتوافق كامل بين طرفي العملية الإنتاجية، حيث يعالج القانون القصور الوارد بقانون العمل السابق رقم (12) لسنة 2003 ويأتي متماشيا مع المبادئ الدستورية التي قررتها المحكمة الدستورية العليا ومستندا إلى ما استقر عليه الفقه والقضاء وما نصت عليه اتفاقيات منظمة العمل الدولية.

وحرصت الدولة المصرية على تحسين أجور العمال والموظفين وأصحاب المعاشات، حيث وجه الرئيس برفع الحد الأدنى للأجور إلى 7000 جنيه للعاملين بالدولة والقطاع الخاص، وزيادة سنوية لأصحاب المعاشات 15% .

وقد نالت العمالة غير المنتظمة اهتماما كبيرا من جانب القيادة السياسية على مدار السنوات الماضية، مما يؤكد حرصه على جميع أبنائه العاملين في الدولة ففي عام 2017 أمر الرئيس السيسي بعمل وثيقة أمان للعمالة غير المنتظمة ، وضمن لهم حقوق وأدخل الحكومة صاحب عمل بدلا منهم في القانون 148 ، بحيث يكون من حق العامل أن يؤمن على نفسه ولا يسأل عن من هو صاحب العمل ، وبالتالي جاءت توجيهاته وصدر القانون رقم 148 ، بحيث تحل الحكومة محل صاحب العمل.

كما وجه الرئيس السيسي بإنشاء صندوق للعمالة غير المنتظمة لمواجهة الكوارث والأعباء ، مثلما واجهنا جائحة كورونا قبل ذلك ، وتم إقرار فصل كامل داخل قانون العمل الجديد للعمالة غير المنتظمة يهتم بتصنيفهم بالاشتراك مع جهاز التعبئة والإحصاء مع وزارة العمل والمنظمات النقابية ، لوضع تصنيف مهني لهذه العمالة وحصرها بشكل محدد ورعايتهم ثقافيا واجتماعيا وصحيا وتدريبهم وتأهيلهم ودمجهم في سوق العمل ومد مظلة الحماية الاجتماعية والصحية لهذه الفئة ، حيث تقدر العمالة غير المنتظمة وغير المنظمة بحوالي 11 مليون تقريبا ، ويتم تأهيل العمالة غير المنظمة التي تمثل الاقتصاد غير الرسمي لإدراجها ضمن سوق العمل في الاقتصاد الرسمي ، حتى يستفيد العامل وصاحب العمل والدولة.

كما حظي الشباب بدعم غير مسبوق، بدءًا من برامج التدريب والمنح، وحتى تولي مناصب تنفيذية ومحافظين ونواب للوزراء، ضمن رؤية تستند إلى أن الشباب هم عماد الجمهورية الجديدة.

30 يونيو أعادت لمصر هويتها افشلت مخططات الخونة المتأمرين وكانت بداية المشوار نحو الريادة الخارجية بتحسين سياسة مصر الخارجية مع دول العالم ، من خلال سياسة خارجية متزنة، ومشاركات فعالة في القمم الدولية، ومبادرات دبلوماسية لحل الأزمات في ليبيا والسودان وغزة.

كما ساهمت النجاحات الداخلية في تعزيز ثقة المجتمع الدولي بالدولة المصرية، وهو ما انعكس على تدفق الاستثمارات ودعم المؤسسات العالمية للاقتصاد المصري.

ومع مرور 12 عامًا على ثورة 30 يونيو، باتت مصر على أعتاب مرحلة جديدة عنوانها: الاستدامة، والعدالة الاجتماعية، والتحول الرقمي، ومشروع “الدلتا الجديدة” في الزراعة، إلى محطة الضبعة النووية، وحتى مشروعات الطاقة النظيفة المرتبطة بتحالف “بريكس”.

إنجازات كثيرة لا يستوعب المكان سردها وتحتاج إلي مجلدات تسجل ما قامت به الدولة المصرية ، خلال السنوات الاثني عشر الماضية بداية من عام التحديات 2014 ، وإلى عام العبور الجديد 2015، وعام الشباب 2016، وعام المرأة 2017 ، وعام ذوي الإعاقة 2018، وعام عودة الهيبة للدولة المصرية دوليا 2019، وعام الافتتاحات الكبرى 2020 ، عام 2021 مولد الجمهورية الجديدة باقتصاد قوي يتحمل الصدمات يشهد به العالم سواء بتأسيس العاصمة الإدارية الجديدة ، وإنشاء 14 مدينة ذكية ، ومليون وحدة سكنية والقضاء علي العشوائيات وآلاف المشروعات الإنتاجية.

وقبل أن نختم جزء من إنجازات 12 عاما من ثورة 30 يونيو 2013، نتناول مواقف إنسانية للرئيس السيسي جعلت المصريين يلقبونه بـ “جابر الخواطر” فعلى مدار السنوات والشهور الماضي كان أبا لكل المصريين.. جابر الخواطر .. يستقبل أبناء مصر الشقيانين الباحثين عن لقمة عيش حلال رفضوا الجلوس علي المقاهي انتظار للوظيفة فكانت حياتهم قصص نجاح وكفاح كان الرئيس حريص علي لقائهم ليؤكد لجموع المصريين أن أبواب القصر الجمهوري مفتوحة للمواطنين ، وكذلك حرصه الدائم والمستمر علي التواصل مع فئات الشعب المصري سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وإنسانيا.

وأخيرا..

هذا جزء من 12 عاما من الإنجاز لا يتسع المجال للحديث عن تفاصيلها وأحداثها وأرقامها، فما يجري علي أرض الواقع يفوق في سرعته أي تصور ، ويتخطى حدود المنطق والعقل في بعض الأحيان ، لقد وعد الرئيس السيسي فأوفي فاكتسب ثقة شعبه واحترام العالم بإنجازات تعلن قيام جمهوريتنا الجديدة

التعليقات مغلقة.