عاصم أبويوسف يكتب: حلول فوضى الطلاق في ميزان الإمام محمد عبده

2

الطلاق هو العدو البغيض الذي دمر وفرق أسر كثيرة وإلى الآن نعاني منه، ظاهرة تفشت وتغلغلت داخل مجتمعاتنا التي عرفت قديمًا بالترابط والتماسك، ولكن وصلت بنا في الأعوام الأخيرة إلي الذروة والمحطات الأخيرة من الفرقة، فأصبح كل دقيقتين تحدث حالة طلاق أو أكثر وفقاً للتقديرات المنوطة بالرصد.

هناك العديد من الأسباب التي تقود إلى الطلاق وبالتالي يؤدي ذلك إلى انهيار الأسرة بالكامل فيتأذى الأطفال الصغار وجميع الأهل، فكانت هناك الاجتهادات والآراء حول تقييد وضبط فوضي الطلاق للحد من تفشي هذه الظاهرة أكثر وأكثر، تجنباً للفساد الأكبر في البيوت بين الأولاد والأقارب، لأنه إذا انتشر أكثر من ذلك وساد في أوساط المجتمع، أدى إلى إلحاق الضرر العام بالأمة بأكملها وخاصة في صلاتها ببعضها البعض، وكان معوال لهدمها وحائط سد بين نهضة وتقدم الشعوب ومانع للاستقرار والرخاء والبناء، فبناء الأمم القوية السلمية يبدأ ببناء الأسر المتماسكة المترابطة.

ومن هذا المنطلق كان للأستاذ الإمام محمد عبده الحكم الجليل والمنطق السليم تجاه هذه الظاهرة، فمع مسيرة الإصلاح والتجديد التي تصدرها و قام بها والتي مات كمدًا في سبيلها بسبب وقوف تيار الجمود والتقليد في وجه، كانت لهذه القضية المهمة الحظ من تناولها في أكثر من أثر من آثاره الفكرية فحدد الطريقة المثلي لتلافي فوضى الطلاق في المجتمع وكثرته، بوضع العديد من المواد القانونية المقترحة للحل وجاءت كالتالي:

المادة الأولى: كل زوج يريد أن يطلق زوجته فعليه أن يحضر أمام القاضي الشرعي، أو المأذون الذي يقيم في دائرة اختصاصه، ويخبره بالشقاق الذي بينه وبين زوجته.

المادة الثانية: يجب علي القاضي أو المأذون أن يرشد الزوج لما ورد في الكتاب والسنة مما يدل علي أن الطلاق ممقوت عند الله وينصحه وبين له تبعة الأمر الذي سيقدم عليه ويأمره أن يتروىَ مدة أسبوع.

المادة الثالثة: إذا أصر الزوج بعد مضي الأسبوع علي نيه الطلاق، فعلي القاضي أو المأذون أن يبعث حكماً من أهل الزوج وحكماً من أهل الزوجة أو عدلين من الأجانب إن لم يكن لهم أقارب ليصلحا بينهما.

المادة الرابعة: إذا لم ينجح الحكمان في الإصلاح بين الزوجين فعليهما أن يقدما تقريراً للقاضي أو المأذون عند ذلك يأذن القاضي أو المأذون للزوج في الطلاق.

المادة الخامسة: لا يصح الطلاق إلا أذا وقع أمام القاضي أو المأذون وبحضور شاهدين ولا يقبل إثابته إلا بوثيقة رسمية.

إلي جانب ذلك يري اشتراط نية الطلاق والفراق عند إيقاع يمينه، وأن يكون الطلاق جميعه واحداً رجعياً دائماً، حتي ولو وقع ثلاثاً في مجلس واحد، فبذلك يخفف عن الناس الضرر الواقع عليهم برؤية مستنيرة تجمع بين مختلف المذاهب الإسلامية ما يخفف عنهم في هذه القضية.

واعتبر الإمام محمد عبده أن هذا النوع من التحكيم واجب علي ولي الأمر وعلي جماعة المسلمين وإهمال ذلك وعدم تطبيقه سيلحق الضرر علي الأسر والمجتمعات حكاماً ومحكومين، فبذلك السبيل والحل الأمثل تجاه هذه الظاهرة للحد من انتشارها وتمكنها وتغلغلها بين الشعوب.

فبالرغم من مرور أكثر من نحو قرن من الزمان علي دعوة الأستاذ الإمام محمد عبده لهذه القضية والحد منها وتطبيق مقترحاته، إلا أنها إلا الآن لم تطبق ولم تناقش ولم تأخذ بعين الاعتبار وكأنها كلام عادي غير مدروس و لم يأتي وقته لمناقشته وطرحه للعامة!

التعليقات مغلقة.